هجاء حلمنتيشى
من أقرب طريق يطرق الشعر الحلمنتيشى أبواب العداء بين الشاعر وزوجته، فالحلمنتيشى – الشعر الساخر الذى يجمع بين الفصحى والعامية – لا ينشغل بالاعماق الفلسفية والنفسية أو التصوير الشعرى المركب بعيد المدى، بل هو يغرق مباشرة فى مظاهر الأزمة بين الطرفين ويغرق معه المتلقى فى هذه الأزمة وفى فيض من السخرية، ربما كانت هناك قصائد ساخرة تقف على هامش الحلمنتيشى، أنها لا تنتمى للمتن تماما كقصيدتى عزت الطيرى المعنونتين ب (قصيدتان إلى زوجتى) وقد أعترف فى القصيدةالأولى ضمنا أنه يخون زوجته نظريا بقصائد فى ذات العيون الزرق والشعر الأصفر، ويحاول إيهام الزوجة بأنها صاحبة القصيدة بينما تبدو الزوجة إما أنها مغفلة أو أنها تعى كذبة الزوج ولكنها "صابرة على البلاء"، والقصيدة الثانية الصغيرة تأكيد أو تكرار لهذا المعنى بعد أن تدخل الأبنة عبير" طرفا ثالثا" لتعرف أن صاحبة القصيدة لم تكن أمها.. يقول عزت الطيرى فى قصيدتيه القصيرتين:
( قالت زوجىِ
مسكين زوجى
يسهرُ طول الليلِ
يسابق خيل الشعرِ
ويعود
فيوقظنى
يُسمعنى أحلى أغنية
فى لون عيونى الزرقاء
وضفيرة شعرى الشقراء
مسكين زوجى
لا يدرى
أن عيونى سوداء
وضفيرة شعرى سوداء
لا يدرى!!
مسكين زوجى !
* * *
عبير الصغيرةُ طفلة عمرى
وقد أكَمَلتْ منذ يوم سَنة
ترانى أقلّب فى دفترى
ورأسى بأفكاره المثخنة
تمزق كل قصائدِ شعرى
وتغرسُ أظفارها اللينة
كأن عبير الصغيرة تعرف
أنى أداعب عين المها
وأن هناك حبيبا غريبا
وأن المها لم تكن أمها)(115)
نرى أن هذا النمط الساخر من الكتابة إذن هامش على شعر الحلمنتيشى، أما هذا الفن نفسه فى زماننا الراهن فقد قاده بغير منازع الراحل شوقى أبو ناجى وفى هذا الغرض تحديدا : هجو الزوجة كتب قصيدة غير معنونة تُعد من وجهة نظرنا أماً للقصائد فى هذا المجال قال أبو ناجى:
( من ذا يُصنفر مُخَّ أم عيالى ويردُّها للسكةِ الطّوالى
ويُظَبِّطُ الأكْسَ الذى فى رأسها ويشيلُ لى صدأً على الأقفالِ
نِكَديّةٌ تلوى المعانى كلما همَّتْ بتأويلٍ يشندل بالى
وتبيت تردحُ فى إذاعتها ولا ترتاحُ ثانيةً من الإرسالِ
من كل لفظ جارحٍ وبذاءةٍ معجونةٍ بالزفتِ والأوحالِ
ولَكمْ أُطَنِّشُ والمدام تزقنى فى ورطةٍ أو موقفٍ بَطّالِ
وإذا اشترى جيراننا شيئا لوتْ بوزاً يصيح مُجَعّراً: عقبال
واعجبْ إذا ابنتنا تحوز تقدماً فتقول : بنتى والنبى طالعالى
أما إذا ما الواد خَسّتَعَ وَلْوَلتْ وتقول : مثلُ أبيه فى الإهمالِ
وتبيتَ تندب حظها بزواجها مِنْ خيخةٍ وتقول: مش خيّالى
وقعَعَتْ وما سمّتْ عليها أمها لشمتةِ الأعداءِ والعذالِ
وهى التى قد حطّمتْ مرآتَها كى لا تبصّ لسحنة الدجالِ
لو أنها طَلَعتْ لقرد فى الدجى قطع الحبال وصاح فى ولوالِ
فالوجه مزبلة القباحة ملتوٍ إذ يستحق الضربَ بالأنعالىِ
وَلَكَمْ تُسخْمطه فيبدو مقرفاً ليخاف منه براءة الأطفالِ
قد عايرتْ دبّانةٌ أختا لها حَطّتْ عليه ولم تطرْ طوالى
وتعيب جارتها الجميلة عبلةً وتذمّ حسْنَ تحيةٍ ونوالِ
عتبوا علىَّ وقد رضخت لدمعها لأجيب دشاً مثل عبد العال
فسحبت سلفاءً وأخرى لم تزل أحنى لها ظهرى وساءتْ حالى
لألبى الطلبات لا أعصى لها أمراً وإلا شفت ما يجرالى
وكم استدنت وكدت أرهن جزمتى وأسير حفياناً بغير نعالِ
وإذا التبشرق نط فوق حدوده كانت نتيجته من الأهوالِ
أنا لست أدرى كيف يغدو كفّها بالمال مثلَ الماء فى الغربالِ
ومدرسُ الأولاد ليس يرقّ لى ويغيظَنى تهديده أطفالى
ولنا بناتٌ قد خطبن وما لنا شىءٌ يساوى خردلا من مالِ
أما المرتب يا أخى فمحملٌ بالدين والأقساط للأنذال
فشفيق هزقنى؛ وأم عزيزة سكتتْ ولكنْ تنها بصّالى
ويشد كمى بائع متجول أو من يزركش ذات كعبٍ عال
ميراث أمى بعتُه.. فتبشرقَتْ سَنَةً وعدت أعوزُ نصفَ ريالِ
ومددتُ كفّى للصديق فردّنى إذ لامنى عمى وفَلْسَعَ خالى
وطلبت منها الرفق بى لتعيننى وأنا أدارى رقعةَ البنطالِ
فَتَنَغْوجَتْ لتقول لى بمياصةٍ زوجى.. أريد الهاتف النقّال)(116)
وتعود مرجعية هذه القصيدة إلى حصرها تقريبا لأكثر عيوب الزوجات، فهى نكدية حين يقول :
(نكدية تلوى المعانى كلما همت بتأويل يشندل بالى)
ثم انها بذيئة سليطة اللسان جارحة العبارة فى البيتين التاليين لهذا البيت، كما انها جشعة طماعة حسود لجيرانها مورطة لزوجها فيما لا يحتمل لنفقات الحياة فى أبيات أخرى من القصيدة، ومبذرة خاربة للبيت حتى أنه باع كل ما يملك إنفاقاً عليها فى ختام القصيدة، وهذه كلها صفات معنوية للزوجة، لكن أبا ناجى أراد أن يكون جامعا مانعا فى قصيدته، ففضح قبح المهجوة:
فالوجه مزبلة القباحة ملتوٍ إذ يستحق الضرب بالأنعال
ويصل القبح أقصاه بما لا قبح بعده بل ينتقل إلى حالة من التقزز والتنفير البشع حين يقول :
قد عايرت دبانة أختا لها حطت عليه ولم تطر طوالى
الوجه هنا أشد دمامة وقرفا من مقالب القمامة، وعلى الرغم من هذا القبح" الفائق" فالمرأة لا يعجبها العجب انها تذم الحسناوات وكأن ذمها يغير من خلقة الرحمن المبدعة لصالح هذه الخلقة المقززة.
ذكرنا إذن أن قصيدة شوقى أبوناجى هذه هى القصيدة الأم وان كنا لا نعرف تاريخ كتابتها بالنظر إلى القصائد الأخرى التى نستشهد بها الأن ومنها مثلا العمل العامى لفريد طه الذى يحمل عنوان "حسى بمشاعرى يا هانم" وهو ينزع منزع فضح دمامة الزوجة فى بيتها، وهى دمامة ليست كدمامة موصوفة شوقى بل هى دمامة الإهمال فى الذات وعدم النظافة أى أنها قابلة للعلاج. والشاعر فى هجوه لها رفيق بها يحثها على التزين ويحرضها عليه بإثارة الغيرة من جارتها الأنيقة، المرأة الأخرى يحرضها بحبه لها وإشفاقه عليها إنه هجاء " طرى" يليق بشاعر مهذب كفريد طه*(117)
والتبديد والإستهانة والإهمال التى أشار إليها شوقى أبو ناجى توقف عندها ياسر قطامش وفصلها فى (غسيل الأموال) حين قال:
( يا ويلى من أم عيالى بمصائبها شغلت بالى!!
طلبت منى أن أعطيها اثوابى كى تغسلها لى
غسلتها لم تفرغ جيبى من أوراق المال الغالى
فتكرمش كالكرشة مالى وغدا "كهدوم" الزبال
عشرات جنيهات غسلت وانكمشت كالورق البالى
قالت :"بالمكوى" سأكويها حتى اصلحها فى الحال
فخطفت المكواة سريعا كى أكوى خيبة أمالى
امسكت بها لاهددها بحذاء ذى كعب عال
وهممت بها كى اضريها وجننت جنون الأفيال
فجرت للمطبخ هاربة قالت وبكل استهبال
كم تزعم أنك يازوجى رجل "كرجال الأعمال"
والأولى أن ترقص مثلى فرحا "بغسيل الأموال".)(118)
لكن من عناصر السخرية هنا المفارقة قائمة على غسيل الأموال بمعناه الأقتصادى الشائع وغسيل الأموال الذى قدمه هو بالمعنى المادى المباشر، الشاعر هنا يتماس مع المجتمع وفضائحه الأقتصادية الشائعة وهو ما يعطى مثل هذا العمل بعداً يتجاوز حدود السخرية البريئة.
وإذا كنا لم نعرف إشارة محددة لتاريخ قصيدة شوقى فإن قصيدة الخلع لياسر قطامش تتعرض لقضية جديدة، ربما كتبت قصيدة شوقى قبل أن يبرز الخلع الذى أقر كقانون منذ سنوات قليلة لم يكن له ذكر لدى أبو ناجى، لكن الإتفاق هنا هو نكد الزوجة فى مضمون الخلاف بين الطرفين هو بذاءة الزوجة ورداءة طباعها يقول ياسر فى" الخلع"
( جلست والشر بعينيها تتأمل فى وجهى المقلوب
قالت يا زوجى قم واخلع فالخلع عليك هو المكتوب
مخلوع أنت بلا شك فأجبت: وذاك هو المطلوب
قد ذقت بقربك بهدلة وكلامك يخبطنى كالطوب
بعصير المر لكم أُسقى بالكوب المغلى تلو الكوب
وتحملت شتما ضربا بصحون المطبخ والمركوب
فأنا المجروح وأنا المبطوح أنا المتخرشم والمضروب
فالشقة من حقك حتما النفقة من جيبى المثقوب
وأرى تطليقك ي}ذينى وسأطرد بالشبشب والروب
وأبوس يديك أريحينى فالخلع هو الحل المرغوب
ولعل الله يعوضنى ببديل عن بيتى المخروب
قالت: لن أخلع ياهذا والأن قد أُكتش الملعوب
فبكيت وقلت أياربى حتى فى الخلع أنا المغلوب)(119)
وهنالك إعادة طرح لمنتج قديم لا يخلو من طرافة وظرف تلقائى فى معارضة ياسر قطامش لأبن زيدون فى قصيدته :
( أضحى التنائى بديلا عن تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا)
فقال ياسر:
(أضحى " الزعيقُ" بديلا عن أغانينا وناب عن فرحة اللقيا تباكينا
فكيف يا زوجتى تبغين عكننتى؟ وكنت يا حلوتى بالشِّعْرِ تَرضينا
وقلتِ فى غلظةٍ: أين (المرتبُ)؟ إن
لم تُعطنى نصفَه أضربكَ سكينا!!
أين ( الحوافزُ) ياكذابُ قد ذهبتْ؟
أين (العلاوة)؟ قلت: الحبُ يكفينا
فقلتِ : يا دهوتى السوداء يا رجلى
هل يُطعم الحبُّ أطفالى ويسقينا؟!
هل يدفعُ الحبُّ إيجاراً لشقتنا؟
أو يشترى" عنبا" أو يشترى "تينا"؟!
من سيدفعُ"للبقال" أجرتهُ؟
أراه لم يعطينا "زيتا" و"تموينا"
إياك أن تكتب الأشعارَ ثانيةً
أصبحت من أجلها للغير مديونا
إن كنتَ لم تستطعْ شيئا لتصنعه
فاسرح بقردٍ إذن وادعوه "ميمونا"!
وقل بلا خجل للناس إن سألوا
قد أصبحَ الشعرُ فوقَ الرفِّ مركونا)(120)
فهو إعادة طرح للعلاقة المادية المتوترة بين الزوجة والزوج، وقد تعرض شوقى أبو ناجى لثل هذه القضية فى أكثر من قصيدة ومنها القصيدة محور الحديث. ولا يهجو الشاعر زوجته بأوصاف محددة كالطمع والغباء والبلاهة والجشع، بل يترك هذه الصفات من وراء ستار ليصفها بها المتلقى نفسه، ثم يستطرد قطامش فى تشويه الزوجة عقلا وإدراكا عبر قصيدته" الكاميرا الخفية" حين يقول:
( وقالت زوجتى بعد التحية
إلى أين الذهاب؟ أجب عليه
فقلت لها سأذهب "يا حلوللى"
لمكتبة بشط اسكندرية
وعندى ندوة للشعر أيضا
سأعقدها "بنادى الصهبجية"
وعنك وعن رموشك سوف ألقى
قصيداً للعيون الفاطمية
فمن حلوى جمالك صار شعرى
لذيذ الطعم مثل"مهلبية"
فزامت بعدما شكت بقولى
وبصت لى بأعينها "شوية"
وذاقت رشفة من "نس كافيهٍ
وشدتنى بكم "الجلابية"
تحذرنى وتنفخ ثم صاحت
كصيحات الزنوج البربرية
بذيلك سوف تلعب من جديد
وتعمل من خيالك تمثيلية:
وإنى لست ساذجة عزيزى
لتلبسنى بمكرك"سلطانية"
حلفت لها برأس أبى وجدى
وعشرتنا وايامى الخلية
وما قد كان من عيش وملح
ومحشى حبنا والشركسية
بأنى صادق زوج وفى
نبيل ليس عندى سوء نية
وقلت لها لأرضيها سآتى
بفستان من " العجمى" هدية
وفى "المرسى أبى العباس"إنى
سأدعو الله أن يبقيك ليه
فقالت لى: موافقة ولكن
حذار من الملاعيب الشقية
فكم زوج يخون الست ظنا
بأن الست عظمتها طرية
إذا ما كنت كذابا تذكر
بأنى لست يا هذا" هفية"
وعندى خبرة فى ضرب نار
وأيضا فى سلاح" المدفعية"
فجهز إن أردت اليوم غشى
جنازتك المهيبة و الوصية
ورن الهاتف المحمول رنا
كإنذار الحروب العالمية
لحمقاء تعاكسنى وقالت:
لماذا لا أراك.. أنا سنية؟!
تعالى الأن يا كتكوت قلبى
لنسهر فى " تياترو الأزبكية"
فهبت زوجتى كالرعد هبا
تصوب نحو رأسى بندقية
أجبنى وأعترف حالا وقل لى
قبيل الموت من هذه" الولية"
فقلت لها : برىء يا حياتى
ولا أهوى سنية أو بهية
فهذه نمرة غلط أكيد
ويبدو أنها " الكاميرا الخفية"
وقال ابنى لها : رفقا ببابا
فتلك زميلتى سوسو الغبية
أرادت أن تعاكسنى وعندى
شهود لى أدلتهم قوية
وهانذا نجوت بلطف ربى
" وكم لله ألطاف خفية")(121)
انها الديكتاتورية الزوجية من المرأة لا من الرجل وهو البرىء، الوديع، الطيب، الذى لا يأتيه الخبث من بين يديه ولا من خلفه.. أما هى فحمقاء سريعة الإتهام للزوج أو للحمل الوديع الذى وقع فريسة لها.
* * * * *
قد تألنى أين هجاء الزوجات للأزواج هنا، نريد أن نشير إلى ضعف رد الفعل الأنثوى، لا لبراءة الرجل الزوج ونقاء سريرته ونظافة ذيله – لمن لهم ذيول وهم كثر – بل لأن المرأة أميل إلى رقة الطباع والخجل فى مواجهة المجتمع الحديث وهذا أدعى لأن تبتعد عن اشكال الهجاء الساخر سواء للزوج أو غيره. لقد قيل قديما على لسان مفتى البصرة وأحد رجال الحديث فيها، حماد بن سلمة(توفى 167) قال:
( لايحب المُلح إلا ذكران الرجال، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم)(122)
كما أن المعجم اللغوى للمرأة ينشأ من أنماط تربوية محافظة فى الغالب، حتى لو كانت الأم والأب غير محافظين فهناك دافع ما يقودهما إلى تنميط الطفلة تحديداً لا الطفل فى أطر اجتماعية تقليدية ثابتة. فكيف تهجو المرأة وتنبغ فى الهجاء ومعجمها اللغوى على ما نظن ليس على ثراء معجم الرجل ولا ذنب لها فى هذا.
ربما قيل أن بعض أنواع الشتم " مثل الردح" خاصية نسائية بحتة، وكم من ردح الحوارى سُجل فى أعمال درامية فنرى.. أن للحوارى معجمها وحياتها وأن لهذه الطبقة الدنيا من المجتمع عالم غير العالم المعتدل أو الطبيعى أو ما يمكن أن يُسمى بالطبقة الوسطى التى يُبنى عليها قوام الحياة، فقد تردح المرأة السوقية ردحا وراثيا فى الغالب لكنها لا تستطيع أن تنشئ قصيدة أو نظما فنيا ولو حتى من اللهجة العامية.
وغير ما أشرنا إليه مبثوثا فى ثنايا فصول هذا الكتاب من عجز المرأة عن مجاراة الرجل فى الهجاء، هناك مبرر آخر لهذا العجز وهو غلبة الإنفعال على العقل لدى أكثرية النساء إن لم يكن لديهن جميعاً
وتستطيع المرأة أن تنتقم لنفسها بالصراخ وبالشتم المباشر وربما بالنميممة فلا يتدخل العقل لوضع هذه العاطفة فى منظومة فنية تفضح مثالب الرجل كما يفضحها.
إذا شئنا إجمالا إن نطرح تساؤلا فحواه : بعد كل هذا الهجاء من الأزواج لزوجاتهم هل يبقى فى المرأة شىء يُمدح؟! فالنجيب بأن السائل عليه أن يتجه إلى فنون الغزل فى تراثنا العربى ليجد مقابل كل قصيدة هجاء ألف قصيدة غزل وتشبيب، ولوعة وأسى واستغراق فى عيون المرأة وثغرها وروحها وكل ما تكن وتعلن، حتى المرأة الزوجة نفسها التى هُجيت من زوجها لا تعدم أبداً أن تكون ممدوحة معبودة من شعراء آخرين أنها المرأة ولا شىء غير المرأة.. والتى اسمعها بين السطور تقول:
( سأهجوك إن شئتَ شِعراً
.... وإن شئتَ نثراً
.... وإن شئتَ صمتاً
سأهجو عينيك: كذَّابتان
تقولان ألاّ وجودَ تراهُ إلاّ بجفنى
سأهجو الشفاة
ولمساتِ ثغركَ فوقَ الجبينِ
لكنَ احتجاجاً من القلب – قلبى- يطلُ إلىَّ
ينقرُ بالونةٌ من غضبٍ تطايرَ منىّ
فأضحىَ سلاماً وبرداً ووجداً عليكَ
وصلصالة حانية بين يديك َ
وتُعلنُ كلّ حنايا الجسَدِ
فوقَ المفارق.. فوق الطّرق
أنا العشقُ أنبتهُ فى رجلٍ
ورجُلى قد تيمتهُ ثغورى
فهام.. وهام
ولا لن يُفيقَ
غريقاً هنالك حتّى الأبد.)(123)