ناشزات.. خائنات

ناشزات.. خائنات

لما نربط بين الناشز والخائنة ؟! هذه وتلك خرج لى الحياة الزوجية بالمفاهيم الإجتماعية المتوارثة منذ آلاف السنين فالمرأة ملك زوجها جسدا وعقلا ونفسا.. تمرد العقل والنفس على الزوج يعنى أنها أصبحت ناشزا وتمرد الجسد يعنى أنها قد خانت، أى أنها أنفلتت من بعض أسره أو من كل أسره.. فتلك الصفتين موصولة للأخرى، وللنشوز المرأة أسباب وأشكال، منها ما هو غير معلن ولا ذنب لها فيه كألا يرضاها الزوج فيبدى نفورا وبالتالى يتسرب النفور إليها من الزوج فتكون القطيعة، ولا شك أن القطيعة هنا ستؤدى إلى تمزق الثياب الإنسانية وإزالة الحجب عن هذه الزوجة الناشز إلا فى حالات نادرة يحترم الرجل طليقته أو زوجته السابقة فلا يشهر بها ومن هؤلاء المحترمين الأعشى الذى تزوج من بنى عنزة ابن أسد ابن ربيعة ابن نزار ويقال أن عنزة هذا من هِزان، فلم ترضه هذه المرأة فطلقها وقال فيها :

(بِيِنى حَصَانَ الفرجِ غيرَ ذميمةٍ      وموموقةَ فينا كذاك ووامقَةْ
وذُوقى فتَى قومٍ فإنِّى ذائقٌ       فتاةَ أًناسٍ مثلَ ما أنتِ ذائقةَ
لقد كان فى فتيانِ قومِكِ مَنْكَحٌ    وشُبّانِ هِزِّانَ الِّطوالِ الغَرانقِةَ
فبِيِنى فإنّ البَيْن خيرٌ من العصا        وإلا تَرَىْ لى فوق رأسك بارقه
وما ذاك عندى ان تكونى دنيئة     ولا أن تكونى جئتِ عندى ببائقه
ويا جارتا بينى فإنك طالقه          كذاك أمورُ الناس غاد ٍوطارقه)(87)

هذه حالة تكاد تقف منفردة أمام حالات كثيرة من بذاءة الزوج الشاعر فى حالات الزوجة الناشز فهاهوذا أبو موسى وقد طلق امرأته يقول فيها:

(تجهزى للطلاق وارتحلى         فذا دواء المجانب الشرسِ
ما أنت بالحنة الولود ولا            عندك نفع يرجى لملتمس1
لليلتى حين بنت طالقةً         ألذُّ عندى من ليلةِ العُرُس
بتُّ لديها بَشرِّ منزلة           لا أنا فى لذة ولا أنس
تلك على الخسف لا تطير لها     وأننى ما يسوغ2 لى نفسى)

1-   فى بعض الأصول "ذل"
2-   فى بعض الأصول " وهذه ما يسوغ"
الحنة هى الزوجة مأخوذة من الحنين)(88)

وهذة الأبيات هى الدرجة الأولى فى سلم الهجو للناشزات فقد اكتفى الشاعر بإظهار المثالب العامة كالشراسة والخشونة وفقدانه للراحة النفسية فى حضرة هذة الزوجة، إلى درجة أن ليلة طلاقها تحولت لديه إلى ليلة عرس.
لكن آخرين يصرحون بمعايب الناشز فيقول : (الأضبط بن قريع فى امرأة تزوجها على مال ووصيفة ثم نشزت عليه ففارقها ولم يُعطها ما كان ضَمِنَ لها فلما احتملت أنشأ يقول:

أَلَمْ تَرها بانت بغير وصيفة         إذاما الغوانى صاحبتها الوصائفُ
ولكنها بانت شموسٌ بَزيَّةٌ          مُنَعَّمَةُ الأخلاق حَدْبَاءُ شَارِفُ
لو أنَّ رسولَ اللَّهْوِ سَلَّمَ واقفا    عليها لَرَاَمتْ وَصْله وهووَاقِفُ)(89)

إن الزوجة التى طلقها لم تفى بما بما وعدت به من مال ووصيفة أى أنها كاذبة العهد وحدباء وغير محصنه إلىدرجة أنها تُسلم نفسها لأقرب طارق، ثم تتزايد نبرة الفضح لتصل إلى ما يشبه "الردح" بين هذا الأعرابى وزوجته.. لقد ورد لدى الأصمعى أن أعرابيا قال( فى امرأة تزوجها وقد تزوجت قبلة خمسة وتزوج هو قبلها أربعا فلاحته1 يوما فقال فيها:

لو لابس الشيطان ما أُلابس   أو مارس الغُولَ التى أُمارسُ
لأصبح الشيطان وهو عابسُ  زوَّجها أربعةٌ عَمارِس2
فانفلتوا منها ومات الخامسُ          وساقنى الحَيْنُ فهانا السادس.

1-   لاحته : نازعته
2-   عمارس : جمع عمروس وهو الجمل لإذا بلغ النزو.. وقيل إذا أكل واجتر.. يريد أربعة مكتملى الشباب أقوياء)(90)

هو هروب من الجحيم الذى لا يحتمله إنسان، إن الشيطان نفسه لو تزوج هذه الغول لعبس وحزن ويبدو أنه لا يصلح لها فعلا إلا العفاريت فقد هرب منها أربعة أزواج ومات الخامس على يديها ووقع السادس فى الكارثة إلا أنه تدارك نفسه وهرب منها بعد أن نشزت عليه أو هاجمته. وأعاد تكرار هذا المعنى فى أبياته :

(بُوَيْزل1 أعوام أذاعت بخمسة      وتَعْتَدُّنى – إن لم يَقِ الله- ساديا
ومن قبلها غيبت فى التُرب أربعا    وأعتدها مذ جئتها فى رَجائيا
كلانا مُطل مُشرِفٌ لغنيمة          يراها ويقضى الله ما كان قاضيا)(91)

حتى أن قارىء هذا الأنتاج يرى المرأة أصبحت تشبه الدهر نفسه تفنى الخلق واحدا وراء الأخر ولا تفنى هى. ولا يتوقف الشاعر عند تجريح الناشز وفضح أشكال نشوزها ودوافعه وقد يتجاوز هذا إلى فضح أهلها أيضا ويُنفر الناس من بنات جنسها وقبيلتها جميعا.. فقد (نشزت رُهَيْمة بنت غنىّ بن درهم النمريَّة بالفرزدق فطلقها، وقال يهجوها :

لا ينكَحَنْ بعدى فتىً نمريَّةً            مرمَّلة من بعلها لبعادِ
وبيضاءَ زعراء المفارق شَخْتَةً     مولَّعةُ فى خُضرةٍ وسوادِ
لها بَشَرُ شَثْنُ كأنَّ مَضمَّهُ                 إذا عانقت بعلا مَضَمُّ قتادِ
قرنتُ بنفسى الشؤمَ فى ورْد حوضها فَجُرِّ عنُه مِلحاً بماء رمادِ
ومازلتُ حتى فرُّق الله بيتا            له الحمدُ منها فى أدىً وجهادِ
تجدِّد لى ذكرى عذابِ جهنَّم    ثلاثاً تمسّينى بها وتُغادى)(92)

فلم يدع شكلا من أشكال القبح إلا وصمها به، هى دميمة الخَلق و الخُلق وقد حمد الله أن عتقه من إيسارها بل جحيمها وأضحت فى العالمينا سبه فى جبين أهلها جميعا بنى نمير. فالهاجى ليس منكورا بين الشعراء أنه الفرزدق الذى لا يدركه ولم يدركه فى الهجاء سوى جرير.
إذن الأزواج الذين تعرضوا لأزمة نشوز زوجاتهم ليسوا عاديين أنهم شعراء؛ حداد اللسان والمرأة على وعى بهذه الحقيقة فكيف تعرض نفسها للبذاءة وتفضح خصوصيتها حقا وباطلا؟!

لاشك أن الدافع للنشوز أقوى من خشية الهجاء ويبدو أن وراء كل نشوز عجزا ما قد يكون عجزا جنسيا أو آفة أخرى لا تحتملها المرأة فى الرجل كالبخل.. أو أن يشعل النار فى جسدها بالغيرة وهناك بعض النساء لا تشتعل للغيرة وإنما تتجمد مشاعرها فتنفر من الطرف الآخر نفسا وجسدا.

هذا إذا تمرد العقل والنفس ونشزت الزوجة.. فماذا لو تمرد الجسد وخانت الزوجة ؟! وقبل أن نسأل هذا السؤال علينا أن نسأل لماذا تخون الزوجة ؟!

أحيانا تكون خيانتها للرجل بدافع من الرجل ذاته وهاهى ذى ( دومة بنت رباح زوجة عمار ذى كبار الشاعر بعدما تخلقت بخلقه فى شرب الخمر والمجون والسَّفه، حتى صارت تُدخل الرجال عليها وتجمعهم على الفواحش. ثم حجَّت فقال لها عمار:

اتَّق الله قد حججت وتُوبى            لا يكوننَّ ما صنعت خَبالا
ويك يا دُومُ لا تدومى على الخمر           ولا تُدخلى الرجالا
إنَّ بابالمصر يوسفا فاحذريه                  لا تصيرى للعالمين نكالا
قد مضى ما مضى وقد كان ما كان          وأودى الشبابُ فيك فزالا.

فضربته دُومة وخرّقت ثيابه ونتفت لحيته وقالت :
أتجعلنى غرضا لشعرك ؟! فطلقها واشترى جاريةحسناء،فزادت فى أذاه وضربه غيرة عليه، فشكاها إلى أمير الكوفة يوسف بن عمر، فوجه إليها بخدم من خدمه وأمرهم بضربها وكسر نبيذها وإغرامها ثياب عمار، ففعلوا ذلك، وبلغوا منها الرضا لعمار.)(93)

الزوجة هنا استمدت شراسة الطبع من ضعف الزوج ذلك الذى شاركها المجون وشرب الخمر وبعدما تطبعت بطبعه هجاها وشهر بها بعد أن وصل فحشها إلى الخيانة الجسدية.. لكنها لم تسكت له فانتقمت منه على طريقة الأنثى بتمزيق الثياب ولو طالته لمزقته هو نفسه ولكنها رغم ذلكتغار عليه فهاهى ذى تنتف له لحيته وتفعل به مالايفعل ولكنه عندما يطلقها ويشترى جارية أجمل منها تزيد فى أذاه غيرة عليه.. انها تحمل تناقض المرأة بين الحب والكراهية رغم خيانتها له.. وقد كان تصرف عمار استكمالا لضعفه أمامها فهو لم يقدر عليها فشكاها لأمير الكوفة الذى أمر بضربها وكسر نبيذها وتغريمها ثمن ثياب عمار.. هى خائنة شرسة تعلن خيانتها وشراستها.. وهو غير نادم على طلاقها بل سعيد بأنه نجا منها.
نوع آخر من النساء قد تجبرها الظروف على الخيانة ثم تستعذبها وتجد فيها متعة لا تجدها مع الزوج وتدفع ثمن تلك المتعة من حياتها بل ربما حياتها نفسها فهاهو الهيثم بن عدى يقول : ( غزا ابن هبولة الغسانى الحارث بن عمر آكل المرار الكندى فلم يصبه فى منزله، فأخذ ما وجد واستاق امرأته. فلما أصابها أعجبت به، فقالت له: انج، فوالله لكأنى أنظر إليك يتبعك، فاغرا فاه كأنه بعير آكل مُرار. وبلغ الحارث، فأقبل يتبعه حتى لحقه، فقتله وأخذ ما كان معه وأخذ امرأته، فقال لها: هل أصابك؟ قالت : نعم والله ما اشتملت النساء على مثله قط. فأمر بها فأوثقت بين فرسين، ثم استحضرها حتى تقطعت.. ثم قال:

كل أنثى وإن بدالك منها             آيةً الود حُبها خيتعور
إن من غره بود                بعد هِند لجاهِلٌ مغرور)(94)

هى زوجة فارس مغوار شاء لها حظها أن تقع ضمن السبايا وعندما واقعها ابن هبولة الغسانى أعجبها واستمتعت به حتى انها نبهته وحذرته عندما سمعت صوت بعير زوجها لكن القدر لم يمهله الوقت للفرار فقتله زوجها واستردها وسألها إن كان قد عاشرها أم لا فكان ردها مكر وغدر دفعت ثمنه، فهاهى تقول له أن النساء جميعا لم تعاشر مثله وكأنها تعير زوجها الفارس بعدم فحولته فما كان من كيدها به إلا أن أوثقها بين فرسين وأمر بتمزيقها وتقطعت وأنشد بعد ذلك حكمته بأن على الرجال ألا تثق بنسائها فمن يثق بامرأة بعد ثقته بهند وبعدما فعلت هى لجاهل مغرور وهناك من يؤيد هذا الكلام الذى أصبح حكمة يتحاكى بها الحكماء الذين قالوا: ( لا تثق بامرأة، ولا تغتر بمال وإن كثر. وقالوا : النساء حبائل الشيطان.. وقال الشاعر :

تمتع بها ما ساعَفتك ولا تكنُ    جزوعا إذا بانت فسوف تبين
وخنها وإن كانت تفى لك إنها    على مدد الأيام سوف تخون
وإن هى أعطتك الليان فإنها     لآخرٍ من طُلابِها ستلين  
وإن حلفت لا ينقضُ النأىُ عهدها    فليس لمخضوبِ البنانِ يمين

وإن أسبلت يوم الفراق دموعها    فليس لعمر الله ذاك يقين) (95)

ويبدو أن الحكماء الذين قالوا فى المرأة أنها حبائل الشيطان كانوا أزواجا للحكيمات اللاتى قلن: (يا مآمنة للرجال يامآمنة للمية فى الغربال) حتى وإن كن حكيمات شعبيات.. مايهمنا هنا هو قول الشاعر الذى يدعو للتمتع بها وعدم الحزن والجزع عليها إذا فارقته.. بل يدعو لخيانتها.. لأنها خائنة اليوم أو غدا أو بعد غد.. المهم أنها لابد خائنة مهما حلفت أو بكت فهى ليس لها يمين وليست دموعها دموعا ولا بكاؤها بكاءً.

وهناك دعوة دائمة بعدم الندم على فراق المرأة الزوجة وكأن الشعراء أجمعوا على ذلك ولاندرى هل هذا لأنها طعنته فيما لايقبل أإن يطعن فيه بينما هو من حقه توجيه نفس الطعنة فى أى وقت وتوصف تلك الطعنة على أنها فرط الفحولة والرجولة وليست خيانة.
لنر نموذجا آخر غير نادم.. يقول الأصمعى: (كنت أختلف إلى أعرابى أقتبس منه الغريب, فكنت إذا استأذنت عليه يقول: ياأُمامة : ائذنى له فتقول: أدخل. فاستأذنت عليه مراراً, فلم أسمعه يذكر أُمامة, فقلت: يرحمك الله, ما أسمعك تذكر أإُمامة؟ قال: فوجم وجمةً فندمت على ماكان منى, ثم أنشأ يقول:

ظعنت أمامةُ بالتلاقى          ونجوت من غُلِ الوثاق
بانت فلم يألم لها              قلبى ولم تبك المآقى
ودواء مالاتشتهيه             النفس تعجيل الفراق
والعيش ليس يطيب من       الفين من غير اتفاق)(96)

ياله من أعرابى مهذب يمتلك فلسفة قد لا يمتلكها كثير من المثقفين الذين نعتوا المرأة بحبائل الشيطان فهو هنا قد نفر واستحالت العشرة بينه وبين إلفه كما وصفها.. فطلقها حتى وإن لم تبك عيونه عليها أو يألم قلبه لفراقها.. بل أطلق حكمته البدوية حين قال أن دواء ما لا تشتهيه ولا تحبه هو تعجيل الفراق لأنه لن يطيب العيش والعشرة بين إلفين كرها بعضهما أو اختلفا.. هذا نوع من الثقافة الاجتماعية والنفسية قد لا يصل إليها اليوم أعتى المثقفين فهو لم يشهر بها وهى لم تلجأ لمحكمة الأسرة بل تفارقا فقط عندما استحالت العشرة بينهما.

شكل آخر من الخيانة تعرض لها "القتَّال" أسفرت عن الطلاق بينه وبين زوجته وإن خلفت وراءها دليل الخيانة باقيا يذكر الزوج فى كل لحظة كم غافلته زوجته.. يقول القتَّال:
(ولما أن رأيت بنى حصين         بهم صَنَفٌ إلى الجاراتِ بادى
خلعت عَذَارها ولهيتُ عنها         كما خُلِعَ العِذارُ من الجَوادِ
وقلت لها عليكِ بنى حُصَيْن         فما بينى وبينك من عوادِ
أناديها بأسفل وارِداتٍ         نَكِدتَ أبا المسيَّبَ من تنادى)(97)

وقد كانت بنت ورقاء بن الهيثم زوجة القتَّال قد ولدت له ابنه " المسَّب" بعد أن طلقها زوجها عندما رأى عندها رجلاً يدعى جرير بن الحُصّيْن الذى كان جارا لهما.

المرأة إذن لا أمان لها فهى خائنة ماجنة أو ناشز سليطة اللسان شرسة الطباع والخلاص منها هو غاية الشعراء الرجال الأزواج.. ولكن هناك من يرى أن الأنثى بطبعها خائنة حتى وإن كانت أنثى الحمام أو أنثى الحيوان أى حيوان وكأن لسان حال بعضهم يقول كل أنثى خائن ويالها من نتيجة غير منطقية أو هى حكم جائر فالنساء أصناف وألوانو أشكال مختلفة وكذلك الذكور أيضا فأصابع اليد الواحدة لا تتشابه فما بالنا بالمخلوقات يقول ابن قتيبة عن المثنى بن زهير.. قال : ( لم أر شيئا من رجلٍ وامرأة إلا وقد رأيته فى الحمام : رأيت حمامة لا تريد إلا ذكرها !! وذكرا لا يريد إلا أنثاه, إلى أن يهلك أحدهما, ويفقدها !! ورأيت حمامة: تتزين للذكر ساعة يريدها !! ورأيت حمامة : لها زوج وهى بمسكن آخر لا تعدوه !! ورأيت حمامة تقمط حمامة, ويقال: إنها تبيض عن ذلك !! ولكن لا يكون لذلك البيض فراخ. ورأيت ذكرا يقمط ذكرا !! ورأيت ذكرا: يقمط كل من لقى ولا يزاوج !! ورأيت أنثى يقمطها كل من يراها من الذكور ولا تتزاوج !! وليس من الحيوان من يستعمل التقبيل عند السِّفاد سواه !!) (98)

هاهو ذا المثنى بن زهير يرصد مجتمعا آخر من الطيور ويؤكد أنه لم ير شيئا فى الرجل والمرأة إلا ووجده فى عالم الحمام فهناك الإخلاص المتناهى بين الطرفين فلا الذكر يريد غير أنثاه ولا العكس إلى أن ينتهى هذا الإخلاص بموت أحدهما أو موتهما معاً وهناك حمامة تتزين للذكر ساعة أن يطلبها شأن بعض النساء اللاتى لا يتذكرن أنوثتهن إلا عند الحاجة وهناك الحمامة الخائنة التى لها زوج لكنها تعشش فى بيت آخر.. وهناك الشواذ من ذكر الحمام والإناث أيضا وقد ينتج عن ذلك بيض ولكنه لا يُفرخ.. وهناك دواعر من الحمام فهى لكل الحمام ولا تتزوج والعكس أيضا.

هو عالم متماثل بين الإنسان والحمام وربما هناك عوالم أخرى كثيرة تتشابه مع عالم الإنسان.. ولهذا لا نستطيع أن نأخذ حكما جائرا كالذى يقول بأن كل الإناث خائنات أو  أن كل ذكر خائن بالطبيعة وإن كانت طبيعة الرجل هى الأميل للجمع بين أكثر من امرأة ولعل هذا يحتاج دراسة نفس اجتماعية متخصصة ليس هذا مجالها ولا وقتها.